تحليلات

خبيرة في مجموعة الأزمات تكتب عن الوضع القائم في اليمن: خطوة نحو الأمام وخطوتان إلى الوراء

يمنات – الشارع

د.ابريل لونجلي ألي

بعد مضي حوالي عام على توقيع الرئيس السابق علي عبد الله صالح اتفاقية نقل السلطة، يواجه اليمن مخاطر كبيرة من العنف المحلي وتجزئة اراضيه. في حين يتحضر الساسة والمجتمع الدولي في العاصمة لحوار وطني، يتخذ المتمردون الزيديون، او ما يعرفون بالحوثيين، والمقاتلون السلفيون ذوي العلاقة بحزب الاصلاح الإسلامي مواقع?م في الشمال للمزيد من المناوشات.

لقد ادت الاشتباكات خلال الأش?ر الاخيرة بالفعل الى قتل العشرات من الناس، و الخطابات المل?بة للمشاعر ?ي نذير العنف المقبل.

في الجنوب لا تزال المشاعر الانفصالية مرتفعة ولا وجود لاتفاق على كيفية الاشراك الفعال في عملية الحوار للحراك الجنوبي، و?و التحالف المفكك والمنقسم على نفسه والذي يدعو الى استقلال الجنوب الفوري او الى المزيد من الحكم الذاتي

كحد أدنى.

ال?جمات التي يشن?ا تنظيم القاعدة وفرع?ا المحلي، أنصار الشريعة، آخذة في الارتفاع حيث تم اغتيال ما يزيد عن 60 من افراد الجيش والامن في عام 2012 وحده. لقد نجا وزير الدفاع من عمليات اغتيال في ستة مناسبات على الأقل.

ان الازمات الاقتصادية والانسانية المزمنة والمولدة للضغينة تغذي وتقوي الاستقرار. ش?د الناس في جميع انحاء البلاد القليل جدا من التحسن في حيات?م اليومية منذ تولي الحكومة الجديدة مقاليد السلطة في ش?ر فبراير. على المدى القريب فان الوعود الاتية من مؤتمر الرياض و "اصدقاء اليمن" المجتمعون في نيويورك والتي تقدر بحوالي 8 مليار دولار، تعطي الامل بمجيء تحسينات مستقبلية. ولكن ?ناك قلق حقيقي بان الامور ستكون كما كانت في عام 2006 وان جزءا صغيرا فقط من التع?دات، ستنمح.

ما يعادل ?ذا القلق ?و عدم وجود القدرة الاستيعابية، التي تضاعفت جراء تدمير ون?ب المكاتب الحكومية في 2011م.

والجمود السياسي المستمر في عام 2012 والتغييرات العشوائية لل?يكل البيروقراطي على أساس الانتماءات السياسية.

كل ?ذا لا يعني أن مصير اليمن يؤول إلى سيناريو شبيه بالصومال. في الواقع، نجح ساسة البلد تجنب حرب متوقعة دموية في عام 2011 ورسموا مسارا فريدا للخروج من نسخت?ا مما يسمى بالربيع العربي. الاتفاق الانتقالي الموقع بين الحزب الحاكم السابق وكتلة المعارضة يوفر فرصة لحوار وطني شامل لمعالجة مظالم طال أمدها و إصلاح المؤسسات. ولكن تبقى ?ذه النتيجة غير مضمونة و?ناك حاجة الى عمل فوري للحد من التوترات السياسية وبناء الثقة بين الاطراف المعنية ووقف الحركات النابذة التي تدفع البلد الي الصراع والتفتت.

في عام 2011 تجنبت البلد حربا أ?لية محتملة عن طريق تسوية نخبوية عرفت بمبادرة مجلس التعاون الخليجي. عرضت الاتفاقية في جو?ر?ا حصانة محلية للرئيس السابق من الملاحقة القضائية مقابل استقالته. اضافت الآلية التنفيذية المدعومة من الامم المتحدة اللحم على العظام عن طريق رسم الخطوط العريضة لعملية من مرحلتين يقوم في?ا صالح بنقل السلطة الي نائبه عبد ربه منصور ?ادي خلال انتخابات مجردة من المنافسة. وفي المرحلة الثانية يكون لدى الرئيس ?ادي والحكومة الائتلافية (المنقسمة بالتساوي بين الحزب الحاكم السابق المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وكتلة المعارضة, اللقاء المشترك وشركائه)، وخلال عامين ستقوم ، من بين أمور أخرى، بإعادة ?يكلة الجيش والأجهزة الامنية ومعالجة مسائل العدالة الانتقالية وإجراء..

حوار وطني شامل من شأنه تم?يد الطريق لصياغة دستور جديد قبل اجراء انتخابات جديدة تجري في فبراير عام 2014.

مضت تسعة أش?ر على المرحلة الثانية وقد سجلت اداء متفاوتا أو اذاء مشوشا . وصلت توفقت النخب في العاصمة بنجاح الى تحقيق مؤشرات رئيسية مثل تشكيل حكومة ائتلافية واجراء انتخابات رئاسية مبكرة وبدأ الأعمال التحضيرية للحوار الوطني التي من المقرر بدأ?ا في منتصف نوفمبر تشرين الثاني، ولكن من المرجح تأجيل?ا. بالنسبة الى القضايا الأكثر موضوعية مثل تحسين الأجواء الأمنية و الحد من التوتر وتوحيد الجيش المنقسم على نفسه وادارة الحكومة المركزية بفعالية فان التنفيذ في ?ذه النواحي يواجه معضلات أو صعوبات عديدة. في الحقيقة، وفي حين احراز بعض التقدم فان الأعمال التي يرتكب?ا المفسدون والتنفيذ الانتقائي للاتفاقية والتعيينات السياسية المل?بة للمشاعر تدفع البلاد بعيدا عن التسوية السياسية ونحو تجدد الصراع.

باختصار، فان النخبة تؤشر على ما ينجز في قائمة أعمالها في حين ان التقدم على ارض الواقع يمشي خطوة نحو الامام وخطوتين نحو الوراء.

تتركز معظم الانتقادات الدولية والمحلية على ان صالح ومؤيدوه ?م المفسدون الرئيسيون. ليس ?ناك شك في أن وجود صالح المستمر في البلاد ومشاركته الفعالة في الحياة السياسية يشكل عقبات كبيرة في طريق التغيير السياسي والمصالحة. وجوده مسمم ويخلق أجواء من عدم الثقة والشك لدى مجموعات المعارضة السابقة وكذلك مع ?ادي وأنصاره. ومع ذلك وفي نواح كثيرة، أصبح الرئيس السابق كمانع الصواعق لاستلام النقد، حيث يبعد الانظار عن المفسدين الاخرين وعن المشاكل المصاحبة لعملية التنفيذ والتي تقوض أيضا ?دف التحول الديمقراطي الشامل.

دعم التحول ال?ش للبلاد يتطلب اكثر بكثير من مجرد وقف الانتهاكات من جانب صالح. يحب ان يكون المفسدون الاخرون، وخاصة الجنرال القوي علي محسن الاحمر، جزءا من المعادلة. يعتمد الكثير أيضا على قدرة الحكومة الحالية ورئيس

الجمهورية تلبية مطالب السكان الأمنية والخدمات الأساسية، والوصول فورا إلى الفئات الم?مشة، وخاصة الحراك الجنوبي، من خلال تدابير بناء الثقة.

?ناك أيضا حاجة لوقف تزايد المخاوف من اجتثاث الصالحيين من الخدمة العسكرية والمدنية، والذي يصب الزيت على النار من خلال تعميق عدم الثقة واليأس من الوصول الى تسوية سياسية بين النخب المتجذرة.

سواء كان عادلا أم لا، فان العديد من اليمنيين يتطلعون إلى ?ادي لتوفير رؤية استراتيجية وخلق توازن خلال الفترة الانتقالية.

في حين انه ما زال يتمتع بتأييد واسع النطاق، ويرجع ذلك جزئيا الى عدم وجود بديل، فقد انت?ت فترة ش?ر العسل بالنسبة له

ويشعر المواطنون بالإحباط بشكل متزايد بسبب عدم وجود رؤية وبسبب أسلوب القيادة الذي غالبا ما يؤدي الى تكرار أخطاء الماضي.

تحويل المسار السياسي بعيدا عن العنف ونحو حوار وطني ناجح يتطلب إجراءات فورية على أربع جب?ات رئيسية: العودة إلى الأساسيات؛ اتباع سياسة شمولية؛ اقتلاع المفسدين، وإظهار اسلوب جديد للقيادة.

أولا وقبل كل شيء، يجب على الحكومة الائتلافية والرئيس إعادة تركيز الانتباه على الأمن والانتعاش الاقتصادي. من الصعب المبالغة في التأكيد على الشعور بانعدام الأمن الشخصي التي يتغلغل أو ينتشر في المدن الأكثر أهمية في البلد، وخاصة صنعاء وعدن. كلا المدينتين عانتا من ?جمات تنظيم القاعدة والإجرام المتنامي. على الرغم من التقدم المحرز في إزالة الحواجز العسكرية المتنافسة، لا تزال صنعاء عاصمة منقسمة حيث قوات الحرس الجم?وري تسيطر على الجنوب، ومحسن والتجمع اليمني للإصلاح يسيطرون على ساحة التغيير وجامعة صنعاء في الشمال الغربي، ورجال قبائل آل الأحمر يحتفظون بحضور قوي في الحصبة في الشمال الشرقي. انتشار رجال القبائل المسلحين في العاصمة ووجود الأفراد العسكريين في أو بالقرب من مناطق مدنية ?و تذكير دائم لعودة محتملة الى الصراع. نادرا ما ينتقل الرئيس ?ادي من منزله، ويقوم رئيس الوزراء بإدارة

شؤون الدولة من منزله، و يبعث ?ذا برسالة خوف وخشية وضعف الحكومة للسكان.

سيكون من المستحيل على الحكومة الانتقالية حل جميع التحديات الأمنية المتنوعة والمعقدة في البلاد. ولكن من الممكن اعطاء الأولوية للأمن في صنعاء وعدن. في حالة عدم وجود حد أدنى من الاستقرار في ?ذه المدن الرئيسية، فإنه من الصعب بناء الثقة في الحكومة أو في العملية الانتقالية. والحال ?كذا، فان لدى جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين حوافز لتطوير خطة بديلة لحماية أنفسهم تحسبا لفشل الحكومة المركزية أو المزيد من التدهور.

الحكومة بحاجة ماسة أيضا الى خطة طوارئ اقتصادية ذات أولويات واضحة. الحكومة التوافقية منقسمة حيث تتألف من متنافسين سيقومون قريبا، اذا سارت الامور على ما يرام، بالمنافسة في الانتخابات. من غير المعقول أن نتوقع الاتفاق على استراتيجيات التنمية متوسطة أو طويلة الأجل. ولكن من الممكن تحديد أولويات تقديم الخدمات الأساسية، لا سيما الكهرباء والمياه، وتيسير تقديم المساعدة الانسانية الى السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي على نحو متزايد.

لم يحدث ?ذا حتى الآن. بدلا من ذلك، الساسة مشغولون بتوجيه أصابع الاتهام وتقسيم غنائم الدولة. المؤتمر الشعبي العام يلعب لعبة اللوم، ويصور نفسه كضحية لسياسة إقصائية واحيانا يستمتع بكونه يلعب دور المعارضة الجديدة، و?و وصف اطلقه ?و على نفسه.

من جانبها، ?اجس أحزاب اللقاء المشترك ?و تشخيص حالات تدخل "النظام القديم" ونصب الموالين ل?ا في الوزارات التي تسيطر علي?ا أحزاب اللقاء المشترك، وذلك كإجراء واضح لتجنب تدخلات المؤتمر الشعبي العام.

 

معظم المواطنين ببساطة يريدون حكومة فعالة بشكل متواضع وفرصة لبدء المفاوضات والحوار. على الأرجح يلقي المواطنون باللوم على كل جوانب مؤسسات الحزب القديم وأحزاب اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام في الفشل من الوفاء ل?ذه المتطلبات الأساسية.

?ناك بعض التحسن في مستويات المعيشة، وبعض الوزراء والتكنوقراط يعملون على توسيع ?ذه النجاحات. ولكن فإن البيئة العامة التي تسود?ا منافسة اقصائية وفراغ القيادة على المستوى الحكومي يعيق ?ذه الج?ود. على ?ذا النحو، فان إدخال تحسينات في الخدمات والأمن متقلب وغالبا ما يعتمد على الإرادة الفردية وتأثير القادة المحليين لحشد التأييد للمدن أو المناطق التابعة ل?م. على سبيل المثال، ش?دت مدينة تعز بعض التحسن في مجالي الأمن والخدمات بسبب رؤية المحافظ الجديد. نفس الشيء يحدث تدريجيا لمدينة صنعاء مع تعيين أمين عاصمة جديد يركز على النتائج. ولكن على الصعيد الوطني لا وجود لاستراتيجية طوارئ. بدلا من ذلك، فأن النخبة تتكالب على ما تبقى من جسد الحكومة المركزية الهزيلة في الوقت الذي تفقد بقية البلاد.

 

استندت مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي على روحية "لا غالب و مغلوب" وعلى ?دف توسيع المشاركة السياسية من خلال حوار وطني. بعد ما يقارب من عام على التنفيذ، والمسار السياسي ينحرف وبشكل كبير بعيدا عن ?ذه المبادئ. جو من الخوف وعدم الثقة يتخلل السياق السياسي وينبأ بما ?و سيء للحوار الفعال. إعادة توجيه المناخ السياسي نحو مزيد من الشمولية يتوقف إلى حد كبير على عاملين: تنفيذ تدابير بناء الثقة التي تركز على الفئات الم?مشة، وخاصة الجنوبيين، وتهدئة المخاوف من المبالغة في عملية اجتثاث الصالحيين. من بين العاملين، الاول ?و الأكثر إلحاحا.

 

مشاركة الحراك الجنوبي في الحوار الوطني ?و قضية "حياة أو موت". على الرغم من أن مشاركة كل المجاميع، أو الحركات تحت مظلة الحراك يعد مستحيلا، ولكن مشاركة كتلة وافية من اطراف الحراك يشكل عنصرا أساسيا للتوصل إلى حل وسط وشرعي لبناء الدولة. ولكن تبقى مسألة مشاركة الحراك بعيدة المنال.

قامت اللجنة الفنية المكلفة بإعداد جدول الأعمال وإجراءات الحوار الوطني بج?ود متضافرة لمعالجة ?ذه المسألة، واعلنت ان الأولوية الأولى للحوار سوف يكون القضية الجنوبية أو  في الواقع، الحوار حول بنية الدولة: ?ل تكون وحدوية أم اتحادية أم على نمط آخر.

تدرس الجنة فكرة التمثيل المتساوي للشماليين والجنوبيين في اللجنة الفرعية التي تنظر في القضايا الجنوبية وذلك لمراعاة المخاوف الجنوبية من ان تعدادهم السكاني الاقل سيؤدي الى إضعاف صوتهم في اتخاذ القرار النهائي.

اللجنة ?ذه نفسها دعت الحكومة الى تنفيذ 20 نقطة لبناء الثقة لتهيئة الأجواء السياسية لحوار فعال، وما يقرب من نصفها تخص الجنوب.

تقوم اللجنة الفنية بعملها، ولكن?ا تحتاج إلى دعم من الرئيس، والحكومة، والأحزاب السياسية لبناء بيئة داعمة للحوار. و ?ذا لم يحدث حتى الآن. الى الآن لم تنفذ ولا واحدة من تدابير بناء الثقة التي اقترحتها اللجنة الفنية على الأرض. صحيح ان بعض الطلبات معقدة وستستغرق وقتا طويلا، مثل حل نزاعات الأراضي أو معالجة مسألة فصل الموظفين الحكوميين بصورة غير شرعية في اعقاب الحرب الا?لية في عام 1994 بين الجنوب والشمال.

مع ذلك، فإن الحكومة الحالية لم تبدأ بتشكيل اللجان للبدء في معالجة ?ذه القضايا، كما أن?ا لم تستغل الفرص السانحة، مثل اتخاذ خطوات لإعادة فتح ابرز صحف الجنوب المستقلة، صحيفة الأيام، التي تم إغلاقها عام 2009 في أعقاب ?جوم على مكاتبها من قبل الحكومة المركزية للاشتباه في دعمها للانفصاليين.

على النقيض من ذلك، فإن بعض تصرفات الحكومة تبدو أن?ا تفاقم التوترات. على سبيل المثال، أغضب تعيين ?ادي لمحافظ من حزب الإصلاح في عدن أنصار الحراك الذين ينظرون الى الاصلاح كحزب شمالي ويناهض المصالح الجنوبية. بغض النظر عن السجل الشخصي للمحافظ، فان انتمائه الحزبي يمنعه من لعب دور المصالحة والتقارب. بالإضافة إلى ذلك، فإن المرسوم الرئاسي في ش?ر رمضان بإضافة خمسة مؤيدين للتجمع اليمني للإصلاح إلى اللجنة الفنية قلل من فرص التواصل مع الجنوبيين الذين كانوا يتوقعون ان تكون التعيينات الجديدة في نهاية المطاف من الحراك.

في ظل المشاعر الانفصالية القوية وفي ظل انعدام اي اجراءات من الحكومة المركزية تبرهن على بدء مرحلة سياسية جديدة، فمن الصعب على القادة المرتبطين بالحراك المشاركة. ولكن مع ذلك، فمن المحتمل إن بعض المعتدلين المنفتحين على خيار الفيدرالية سيرسلون ممثلين عنهم مبعوثين ل?م، ستس?ل اجراءات بناء الثقة مسألة مشاركتهم.

لا تمثل ?ذه المجموعة سوى جزء صغير من الحراك والكثير من?م مرتبطون بمحافظة أبين، حيث ل?ادي بعض التأثير. ومع ذلك، فإنه ليس من الواضح أن المشاركة وحد?ا كافية لتس?يل قبول?م للقرارات. اتخاذ اجراءات ملموسة لبناء الثقة يمكن ان يفتح المجال السياسي لكسب والحفاظ على مشاركة مجاميع أوسع من المرتبطين بالحراك.

في حين أن القضية الجنوبية ?ي الأكثر إلحاحا، ?ناك حاجة أيضا لبناء جو من الثقة لدعم ج?ود الالتزام الضعيف للحوثيين بالحوار الوطني. ولكن يبدو ان اطرافا في الحكومة تذكي ل?يب الصراع مع ?ذه المجموعة أيضا. قام ?ادي بتعيين حلقة من المحافظين التابعين للإصلاح حول معقل الحوثيين في صعدة. ?ذه الخطوة السياسية الغير المتوقعة والمثيرة للمشاعر السياسية زادت من العداء وسا?مت في اندلاع اشتباكات مسلحة بين الإصلاح والحوثيين في اواخر سبتمبر ايلول في محافظة عمران.

والآن الحوثيون يقرعون طبول الحرب. ان?م يعتقدون ان الحكومة الحالية والرئيس ?ادي عملاء للولايات المتحدة وللنظام القديم المعارضين لأهداف الثورة.

بالإضافة الى الحاجة إلى ضمان مكان الفئات الم?مشة على طاولة الحوار ونظام سياسي جديدة في ن?اية المطاف، من الم?م أيضا ادراك مخاطر استثناء الموقعين على مبادرة مجلس التعاون الخليجي. بعد أش?ر من التغييرات داخل البيروقراطية

والمؤسسة العسكرية التي است?دفت ليس فقط أسرة صالح ولكن أيضا مجموعة واسعة من المتعاطفين مع?م، فان العديد في صفوف المؤتمر الشعبي العام قلقون.

 

قدمت انتفاضة 2011 الشعبية تفويضا من أجل التغيير، وخاصة على مستوى القيادات العليا. إزالة ?ادي لعائلة صالح وأنصاره المقربين من المناصب العليا في الجيش والقطاع العام كانت ضمن صلاحياته الدستورية وتفويضه. كانت ?ذه الاجراءات ضرورية أيضا لدعم سلطته ولإعطاء اشارة إلى نمط جديد من السياسة. ولكن التغييرات على المستويات الأدنى من البيروقراطية والمؤسسات العسكرية والامنية لا يمكن الدفاع عن?ا بنفس القوة ويمكن القول ان?ا جاءت بنتائج عكسية مع عدم وجود حل وسط سياسي مستقر وخطة إصلاح واضحة.

حاليا يتركز قدر ?ائل من القلق بسبب مكاسب التجمع اليمني للإصلاح داخل وزارات التعليم والمالية والك?رباء والتخطيط والتعاون الدولي والداخلية، بالإضافة الى المجندين الجدد في الفرقة الاولى مدرع التابعة للجنرال محسن.

يدافع أعضاء الإصلاح عن ?ذه التغييرات على ان?ا ضرورية لتحقيق أ?داف الثورة، لضمان تمكين وزرائ?م القيام بعمل?م على نحو فعال ولتصحيح التحيز الكبير لصالح مؤيدي المؤتمر الشعبي العام السابقين أو الحاليين داخل الخدمة المدنية والمؤسسات الأمنية.

قد تلقى الأسباب المذكورة بعض الصدى، ولكن ادعاء التجمع اليمني للإصلاح تمثيله للثورة محل خلاف مرير بين الشباب المستقل والحوثيين والحراك الجنوبي وحتى بين بعض شركاء الاصلاح في أحزاب اللقاء المشترك.

في ?ذا الوقت المليء بالاستقرار السياسي العميق، فان التغييرات المبنية على اسس حزبية في الخدمة المدنية والأج?زة الأمنية ?ي جزء من المشكلة وليست الحل. ليس فقط ان ?ذه التغييرات في كثير من الأحيان تنت?ك قوانين الخدمة المدنية النافذة، ولكن?ا تخلق جوا من الخوف بحيث تشجع ج?ات فاعلة مثل الصالحيين والحوثيين والحراك على وضع خطط طوارئ للدفاع عن أنفس?م في حال فشل المفاوضات السياسية. مكاسب الإصلاح على حساب المؤتمر الشعبي العام تعزز الى حد ما الدعم المتبقي للمتشددين في المؤتمر الشعبي العام الذين يجادلون ان الإصلاح عازم على اقصاء الآخرين.

في ن?اية المطاف، يجب اختبار نوايا الإصلاح في سياق أدائ?ا في الحكومة. ولكن حتى الآن، لم تكن لدى المواطنين الفرصة لاختيار المؤسسات السياسية الجديدة أو التصويت على حكومة جديدة.

ليست الحكومة الحالية حاملة لشعلة الثورة. بل ?ي حل انتقالي وسط لحالة طارئة تم تمرير?ا لتمكين تغييرات أعمق. الى حين فوز الاصلاح، أو أي طرف آخر، في انتخابات تنافسية، فان تفويض?ا لخلق تغييرات بعيدة المدى محدود. حاليا الحل الأفضل ?و التطبيق الكامل للقوانين المدنية النافذة. يمكن القول ان ?ذه القوانين، لا سيما تلك التي تحكم المؤ?لات الوظيفية والتدوير الوظيفي والتحقيق في الفساد، ستسمح بحدوث تغيير، ولو كان أبطأ، أكثر دواما وملائمة مع الرغبة الشعبية لتعزيز سيادة القانون والم?نية.

كان احد أ?م عيوب اتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي فشل?ا في إزالة صالح و شريكه الطويل الامد، علي محسن، من مسرح السياسة. إزالة ?ذين الرجلين لن تحل مشاكل اليمن بطريقة سحرية. كلي?ما لدي?ما شبكات ولاء ونفوذ ستستمر حتى لو طلب من?ما البقاء خارج البلاد خلال الفترة الانتقالية. ولكن اليمنيين من مختلف ألوان الطيف السياسي مقتنعون أن من شأن خروج?ما من الحياة السياسية بناء الثقة على الأقل واعطاء رئيس الجم?ورية الجديد مزيدا من الحرية في اتخاذ القرارات البناءة. ?ناك نقاش على قائمة اطول من المفسدين الذين يجب مغادرت?م للبلاد، والتي تشمل نجل صالح، أحمد علي، أو الشيخ الاصلاحي القوي، حميد الأحمر. ولكن القاسم المشترك الأقل بالنسبة لغالبية اليمنيين، باستثناء المقربين من صالح ومحسن، ?و أن ?ذين الوج?ين الكبيرين يمثلان أكثر العقبات الراسخة وال?امة في طريق بناء الثقة وتحقيق الإصلاحات. بدأت المناقشات الأولى من اجل تغيير النظام في مارس 2011 باقتراح صالح خروج العلييْن الاثنين من البلاد. مع انحراف العملية الانتقالية نحو تجدد الصراع والغرق في المنافسة بين الأحزاب السياسية القديمة والساسة القدماء، ربما حان الوقت لإعادة النظر في مزايا ?ذا

الاقتراح الأول. على العلييْن المغادرة.

 

الرئيس ?ادي في وضع لا يحسد عليه. انه تولى الرئاسة بعد 33 عاما من مشا?دة صالح يعمل على توطيد السلطة حول افراد عائلته وأنصاره المقربين. في نفس الوقت يحتفظ شريك صالح السابق ومنافسه الحالي، محسن، بمنصبه كقائد للفرقة الأولى مدرع وقيادة منطقة الشمال الغربي. على النقيض من ?ذين الرجلين، من الناحية العملية ليس ل?ادي قاعدة دعم موجودة مسبقا

في الجيش أو الحكومة أو المؤتمر الشعبي العام، أو في البنية القبلية المعقدة الولاءات في الشمال. لقد جاء الى السلطة بدعم دولي وعبر استفتاء شعبي صوت فيه اليمنيون ليس له ?و بقدر ما كان تصويتا للخروج من الأزمة. يحتفظ الرئيس بمخزون من حسن النية من قبل المواطنين الذين يأملون في تغيير سلمي. على الرغم من ذلك فان فترة ش?ر العسل قد انت?ت، و?ناك قلق متزايد من أن أسلوبه في القيادة كثيرا ما يكرر أخطاء الماضي.

أولا، العديد محبطون بشدة من ان ?ادي يفضل أسرته وقبيلته ومنطقته على حساب اقصاء الآخرين. كان احد المظالم الرئيسية ضد صالح انه ركز السلطة والثروة في أيدي عائلته وكان يعتزم نقل السلطة إلى ابنه أحمد. الشكوى الشائعة الآن ?ي أن اليمن انتقل من سنحنة الدولة (سنحان ?ي منطقة صالح القبلية) إلى أبينة الدولة (أبين ?ي المحافظة التي ينتمي الي?ا ?ادي).

في الواقع، أبين ومحافظة شبوة المجاورة تلعبان دورا بارزا في تعيينات ?ادي المدنية والعسكرية. ولكن مع ذلك فالنقد لا يتجزأ من الواقع القاسي الذي يتحكم بالبقاء السياسي. اليمنيون صبورون ويعرفون حاجة ?ادي الى الدفاع عن نفسه. ول?ذا لا يوجد تذمر من اختيار الرئيس قائدا من أبين لاستلام م?مة حمايته الشخصية. ولا يستفسر اليمنيون عن تجنيد العساكر من منطقة ?ادي لملأ الفراغ في وحدة الحماية. الأمن الشخصي أمر مف?وم، ولكن عندما يأتي الامر الى التوظيف في المواقع القوية الاخرى، يود الكثيرون رؤية الرئيس تجنب المحسوبية الاقليمية، أو على الاقل شرح خياراته على أساس المؤ?لات.

من المف?وم أن ?ناك أيضا استياء متزايد من ان ابن ?ادي يلعب دورا بارزا كحارس البوابة للرئيس.

آخرون قلقون بان تحركات ?ادي التي تقص اجنحة صالح وعائلته ادت عن غير قصد، أو نتيجة تحالف تكتيكي، الى تعزيز يد محسن وحلفائه في التجمع اليمني للإصلاح. ان تحدثنا بالمقارنة ، فإن تضرر غلي محسن أقل بكثير من طرف صالح في عملية اعادة الخلطة العسكرية، بل يمكن القول انه اكتسب القوة حتى الآن. قواته تقوم بحراسة منزل الرئيس وقام بتجنيد ما لا يقل عن عشرة الاف جندي منذ بدء الانتفاضة ويعتقد أن له تأثير كبير في القرارات الرئاسية، مثل تعيين المحافظين التابعين للإصلاح في الشمال.

 

بالنسبة للمستقلين والحوثيين والحراك والمؤتمر الشعبي العام، وحتى البعض في أحزاب اللقاء المشترك، يعتبر محسن ركيزة خطيرة للنظام القديم، الذي لا يبشر استمرار تأثيره بخير لإصلاحات حقيقية ونفوذه يذكر بقلة ما قد تغير.

فيما يتعلق بالجنوب، ?ناك أسئلة جدية تحيط بافتقار الرئيس للعمل على تنفيذ تدابير بناء الثقة. بالإضافة الى ذلك، فان تفضيله للكتلة الإقليمية من أبين وشبوة من خلال التعيينات الرئاسية يحبط الجنوبيين من مناطق أخرى وقد يفاقم التوترات التاريخية بين أبين وشبوة ومنافسي?م التاريخيين في محافظتي لحج والضالع

أخيرا، وكما كانت عليه الامور في ع?د صالح، ?ناك نقص في الشفافية في عملية صنع القرار لدى ?ادي وعدم الرغبة أو عدم القدرة على ايصال رؤية استراتيجية للإصلاحات. يمكن القول انه حتى أكثر من صالح، دوائر ?ادي الاستشارية ضيقة و?ناك تواصل محدود مع المعنيين حول اتجاه التغيير.

في ن?اية المطاف، لربما ان ما وضع على اكتاف ?ادي اكثر من اللازم . حتى ان المؤسسة الوحيدة التي كان بمقدور?ا مراقبة صلاحياته التنفيذية الغير مسبوقة في إطار مبادرة مجلس التعاون الخليجي، و?ي لجنة التفسير، لم تشكل بعد. لا تزال ل?ادي الفرصة و?و يمضي قدما لصقل اسلوبه القيادي وتوسيع قاعدته من الدعم الشعبي من خلال نمط سياسي مختلف. لا يتوقع اليمنيين قطيعة تامة مع الماضي في ?ذه البيئة الغير مستقرة. ولكن?م يرفضون تكرار الماضي. من خلال تشكيله للجنة التفسير وايصال رؤية واضحة للتغيير في ?ذه الفترة الرئاسية المتبقية وتوضيح تعييناته على أساس المؤ?لات وتجنب، كلما كان ذ

لك ممكنا، تصور مناطقي أو حزبي متحيز، يمكن ل?ادي ان يلعب دورا محوريا في ت?دئة المخاوف وتس?يل ايجاد سياسة حل وسط تشمل الكل.

 

استطاع اليمن تجنب الحرب الأ?لية، والآن يبدأ العمل الشاق لإشراك الكل والتسوية. في حين أن الوضع صعب للغاية، يقدم الاتفاق الانتقالي إطارا لتجنب الانزلاق في الصراع. ولكن بإمكان ?كذا انزلاق ان يصبح حقيقة واقعة إذا لم تتحرك الدوائر السياسية داخل وخارج اليمن على الفور لتس?يل اتفاق سياسي شامل حقا لمعالجة جداول الأعمال السياسية المتنافسة.

في حالة عدم وجود مثل ?ذا الاتفاق، فان الانحدار العنيف والتفكك مازال في الأفق.

زر الذهاب إلى الأعلى